إذا كانت من ضرورة لاختيار بين أمة السيد
حسن وأمة السيد حسني، فنحن نختار ـ
بامتياز ـ أمة السيد حسن وليس أمة السيدحسني.
أمة السيد حسن نصر الله هي أمة السادة
وهي عنوان المقاومة، وآية الصدق والوعد
النافذ، فقد حول السيد حسن حزب الله إلى
أمة بذاتها، أمة من لحم ودم وعصب عربي
خالص، أمة من رجال الله الذين لا يرهبون
عدوا، ويستعينون بالصبر وحس الشهادة
وحسن الاستعداد إلى حد الكمال الإنساني،
ويقهرون الجيش الذي قيل أنه لا يقهر، ليس
مرة واحدة بل مرتين، والثالثة تأتي،
ونفخ في ريح أمة العرب المغلوبة على
أمرها، والمنكوبة بحكامها وغاصبي
سلطانها، وكان أول السطر في مقاومة
عربية فريدة بزمانها ومكانها، مقاومة
تبدأ بثقافة الاستشهاد، وتطور
تكنولوجيا ملائمة، ولا تنتهي إلى هزيمة
في ميادين النار، بل تستنزف طاقة العدو،
وتحطمه في المعني والمبني، وتضع أنفه في
الركام، وتحول قوة إسرائيل المهولة
المفزعة إلى بيت عنكبوت، فلم تهزم
المقاومة الجديدة أبدا، لا في لبنان ولا
في فلسطين ولا في العراق، ولم تستخف بعقل
أحد، ولا لجأت إلى مظاهر زيف، وكان حديث
الصادق العظيم حسن نصر الله المتلفز إلى
الشعب المصري مقنعا مئة بالمئة، فهو لم
يرد شرا بأمن مصر كبلد عظيم، ولا بشعبه
الصابر المظلوم، بل أراد ـ بمخاطرة
رجاله ـ تقديم العون اللوجيستي للمقاومة
الفلسطينية المحاصرة في غزة، وهذه ليست
جريمة كما يتقول الصغار، بل شرف وواجب
قومي وديني وإنساني ينهض إليه الكبار.
أما أمة السيد حسني مبارك فحدث عن خزيها
بلا حرج، وهي ليست الشعب المصري طبعا، بل
فئة باغية تسلطت على الشعب المصري،
واغتصبت اسم مصر لها المجد في العالمين،
وسامت أهلها العذاب وسرقتهم وأذلتهم،
وهي فئة حكم عائلية في السياسة
وإحتكارية ناهبة في الاقتصاد، وتبدو
معلقة على خازوق أمني متضخم متورم،
وحشدت لقتال الشعب المصري قوة أمن داخلي
يزيد حجمها على ثلاثة أمثال حجم الجيش،
وانتهت إلى وضع الجريمة المزمنة، وإلى
جعل أمنها من أمن إسرائيل .
والذي يراقب حملة النظام المصري ضد حزب
الله، قد تصدمه ـ لأول وهلة ـ سوقيتها
المزرية، فهي تصف حسن نصر الله بأنه عميل
إيران، وكأن إيران هي الخطر الداهم على
مصر، وبينها وبين مصر جغرافيا عشر دول
على الأقل، بينما إسرائيل هي الخطر
الملاصق لمصر، والساكن في قمة رأس
نظامها الحاكم، وهو يصور حزب الله كما لو
كان خطط لقتل مصريين، بينما لم يقتل حزب
الله مصريا واحدا، لا في مصر ولا في
خارجها، ولا أصاب مصريا بجرح، ولا خدش
إصبع مصري واحد، ونظام مبارك هو الذي قتل
عشرات الآلاف من المصريين، في القطارات
المحترقة والعبارات الغارقة، وفي
المظاهرات وطوابير الخبز وفي أقبية
التعذيب، وفي الحرب البيولوجية التي
انتهت بملايين المصريين إلى الهم والغم
والسرطانات والفشل الكلوي والتهاب
الكبد الوبائي، حزب الله لم يعتد على
مصر، ولم يستهن بقيمتها الرمزية الكبرى،
بينما نظام مبارك هو الذي أهان مصر،
واختصر حجمها إلى رأس دبوس، وانتهى بها
إلى وضع قزمي في حساب التاريخ، فقد واصل
سكة تجريف دور مصر الموروثة عن سلفه
السادات، وكانت المحصلة على النحو
التالي، كانت مصر حتى حرب 1973 رأسا برأس
مع كوريا الجنوبية في معدلات التنمية
والتقدم والاختراق التكنولوجي، وبعد
أكثر من 35 سنة، نزلت مصر من حالق إلى
الفالق، وصارت تنافس ' بوركينافاسو ' على
مؤشر الفساد الدولي، وقد كان المفكر
الليبرالي الراحل د. سعيد النجار نافذ
البصيرة، فقد تقابل بمحض المصادفة مع
نجل مبارك قبل عشر سنوات، وقال له وقتها
'قل لأبيك أنكم تحكمون بلدا لا تعرفون
قيمته'، وقد كان ماجرى مفزعا ومؤسيا، فقد
نزلت قيمة مصر الكبرى إلى وزن العائلة
الصغرى، وصرنا بلدا يستجدي اللقمة
ويتسول الدور .
ثم أن حديث نظام مبارك عن 'السيادة
المصرية ' يبدو مثيرا للسخرية، ويبعث ـ
بصراحة ـ على عظيم القرف، وكأن دخول
مقاوم من حزب الله يمس شرف مصر (!)، وكأن
عشرات المصريين المتهمين ـ حتى إن صحت
الاتهامات ـ بالتدريب على السلاح، ونقل
العتاد للمقاومة الفلسطينية المحاصرة،
كأن ذلك ـ ومثله ـ جريمة وانتهاك لسيادة
مصر، رغم أن مصر كانت دائما ـ تحت الحكم
الوطني ـ تدرب الفلسطينيين والعرب،
وتزودهم بالسلاح، وتكنيكات الخروج
والدخول إلى أي بلد وصولا للميدان، بل
وكانت تنقل رجالا وعتادا إلى أراضي دول
أخرى، وبدون علم سلطاتها، وتنفذ عمليات
ضد إسرائيل من أراضي دول أخرى، وكما جرى
في عملية إيلات الشهيرة، وهو نفس ما ينسب
لحزب الله الآن، ودون أن يمس مصريا بسوء،
وحتى قبل ثورة 1952، كانت المقاومة شرفا لا
يحاكم بقانون العقوبات ولا بالإجراءت
الجنائية، ففي قضية عربة الجيب الشهيرة،
وقد ضبطت محملة بأسلحة وذخائر ومفرقعات،
واعتقل المتهمون فيها، وقدموا اعترافات
كاملة، كان حكم القضاء المصري الشامخ هو
البراءة التامة، وتأسيسا على نبل الغاية
الذي يبيح وسائلها كافة، وبصرف النظر عن
علم السلطات أو غفلتها، وإجلالا لسمو
مبدأ المقاومة، والذي لا يعلى عليه، ولا
يقاس بأي اعتبار جنائي مما يتخرصون .
ثم من الذي انتهك سيادة مصر حقا ؟، أو
الذي جعلها بلا سيادة وطنية، وفي وضع
البلد المحتل سياسيا منذ ثلاثين سنة
مضت، فقد أفضت ملاحق معاهدة كامب ديفيد
إلى إهدار الإستقلال والسيادة الوطنية،
وعادت سيناء إلى مصر على طريقة الذي
أعادوا له قدما وأخذوا عينيه، فقد جرى
نزع سيادة السلاح إلى مدى 150 كيلو متر في
عمق الأراضي المصرية، ثم جاءت المعونة
الأمريكية الضامنة، ونزعت ـ بمضاعفاتها
ـ سيادة قرار السياسة والاقتصاد في
القاهرة، ثم توالت غارات النهب العام ـ
العائلي الإحتكاري ـ التي دمرت وجرفت كل
عناصر القوة المصرية، ووضعتها تحت حد
السلاح الإسرائيلي، وانتهت بمبارك إلى
وضع رئيس شرم الشيخ، فهو يقيم غالبا
هناك، وحيث السلاح المصري منزوع
بالكامل، وحيث لاتعلو كلمة فوق صوت
السلاح الإسرائيلي، وحيث قتلت إسرائيل ـ
في السنوات الأخيرة ـ عشرات المصريين
بلا تعقيب ولاتثريب، وحيث لا يجرؤ مبارك
أن يرفع إصبعا، ولا أن يمضي قرارا فيه
شبهة مصلحة مصرية ، ولعلها مشهورة قصة
الجسر البري فوق خليج العقبة، والذي
اتفقت الحكومتان المصرية والسعودية على
إقامتة تسهيلا لحركة الناس والبضائع،
وتعهد الحكم السعودي بتحمل عبء
التكاليف، وعند لحظة التنفيذ تراجع
مبارك، ولحس المتفق عليه مع السعوديين،
فقد أصدرت إسرئيل أمرها وخضع مبارك، فهل
هذا نظام يحق له الحديث ـ مجرد الحديث ـ
عن سيادة مصر؟، اللهم إلا إذا كان يقصد
الحديث عن 'سيادته' الرهينة لخدمة
إسرائيل، وهو ما يجعل من وجود سيادته ـ
في ذاته ـ أعظم انتهاك لسيادة مصر .
ودعك من حديث السفالات ضد السيد حسن نصر
الله وحزبه، فهذه قمة الثقافة المتاحة
في صحافة وسخافة الجندرما الأمنية، لكن
ما يلفت النظر حقا هو الهوى الإسرائيلي
الظاهر في حملة النظام المصري
الإعلامية، فالمفرادات التي تستخدمها
هي نفس مفردات الدعاية الإسرائيلية، ومن
نوع وصف نصر الله بأنه عميل إيران وحكم
الملالي، ووصف حزب الله بأنه منظمة
إرهابية، ونقل تقارير إعلامية وأمنية
إسرائيلية تبدي عظيم الارتياح لدور
الأمن المصري، وتطلب المزيد من التنسيق
الأمني، ووصل الأمر إلى حد السفور
العميل لإسرائيل، فقد اتهم رئيس تحرير '
الأهرام' ـ الرسمية ـ حسن نصر الله وحزبه
بأنه 'يريد الوقيعة بين مصر وإسرائيل' (!)،
وفي يوم واحد كانت الإيقاعات تتوافق على
نحو مدهش، إسرائيل كاتزمان ـ وزير النقل
في حكومة نتنياهو ـ يطالب باغتيال حسن
نصر الله، ومجالس الأنس (الشورى والشعب)
في مصر تطالب باعتقال حسن نصر الله، بل
وتنفيذ 'عمليات نوعية' ضد أهداف تابعة
لحزب الله، إلى هذا الحد وصل التوافق بين
حكم عائلة مبارك وأهداف حكومة إسرائيل،
وهو أمر قد لايصح أن يصدم أحدا، فمصر
التي جرى تقزيمها لا تجد دورا يخصها،
وتلتحق بخدمة الدور الإسرئيلي والقوة
الإسرائيلية، ويراد لأجهزة أمنها أن
تلتحق بخدمة الأمن الإسرائيلي، وأن
يتحول الإعلام المصري إلى نسخة عربية
مترجمة من العبرية، وهذه أفدح جرائم أمة
السيد حسني.
حسن وأمة السيد حسني، فنحن نختار ـ
بامتياز ـ أمة السيد حسن وليس أمة السيدحسني.
أمة السيد حسن نصر الله هي أمة السادة
وهي عنوان المقاومة، وآية الصدق والوعد
النافذ، فقد حول السيد حسن حزب الله إلى
أمة بذاتها، أمة من لحم ودم وعصب عربي
خالص، أمة من رجال الله الذين لا يرهبون
عدوا، ويستعينون بالصبر وحس الشهادة
وحسن الاستعداد إلى حد الكمال الإنساني،
ويقهرون الجيش الذي قيل أنه لا يقهر، ليس
مرة واحدة بل مرتين، والثالثة تأتي،
ونفخ في ريح أمة العرب المغلوبة على
أمرها، والمنكوبة بحكامها وغاصبي
سلطانها، وكان أول السطر في مقاومة
عربية فريدة بزمانها ومكانها، مقاومة
تبدأ بثقافة الاستشهاد، وتطور
تكنولوجيا ملائمة، ولا تنتهي إلى هزيمة
في ميادين النار، بل تستنزف طاقة العدو،
وتحطمه في المعني والمبني، وتضع أنفه في
الركام، وتحول قوة إسرائيل المهولة
المفزعة إلى بيت عنكبوت، فلم تهزم
المقاومة الجديدة أبدا، لا في لبنان ولا
في فلسطين ولا في العراق، ولم تستخف بعقل
أحد، ولا لجأت إلى مظاهر زيف، وكان حديث
الصادق العظيم حسن نصر الله المتلفز إلى
الشعب المصري مقنعا مئة بالمئة، فهو لم
يرد شرا بأمن مصر كبلد عظيم، ولا بشعبه
الصابر المظلوم، بل أراد ـ بمخاطرة
رجاله ـ تقديم العون اللوجيستي للمقاومة
الفلسطينية المحاصرة في غزة، وهذه ليست
جريمة كما يتقول الصغار، بل شرف وواجب
قومي وديني وإنساني ينهض إليه الكبار.
أما أمة السيد حسني مبارك فحدث عن خزيها
بلا حرج، وهي ليست الشعب المصري طبعا، بل
فئة باغية تسلطت على الشعب المصري،
واغتصبت اسم مصر لها المجد في العالمين،
وسامت أهلها العذاب وسرقتهم وأذلتهم،
وهي فئة حكم عائلية في السياسة
وإحتكارية ناهبة في الاقتصاد، وتبدو
معلقة على خازوق أمني متضخم متورم،
وحشدت لقتال الشعب المصري قوة أمن داخلي
يزيد حجمها على ثلاثة أمثال حجم الجيش،
وانتهت إلى وضع الجريمة المزمنة، وإلى
جعل أمنها من أمن إسرائيل .
والذي يراقب حملة النظام المصري ضد حزب
الله، قد تصدمه ـ لأول وهلة ـ سوقيتها
المزرية، فهي تصف حسن نصر الله بأنه عميل
إيران، وكأن إيران هي الخطر الداهم على
مصر، وبينها وبين مصر جغرافيا عشر دول
على الأقل، بينما إسرائيل هي الخطر
الملاصق لمصر، والساكن في قمة رأس
نظامها الحاكم، وهو يصور حزب الله كما لو
كان خطط لقتل مصريين، بينما لم يقتل حزب
الله مصريا واحدا، لا في مصر ولا في
خارجها، ولا أصاب مصريا بجرح، ولا خدش
إصبع مصري واحد، ونظام مبارك هو الذي قتل
عشرات الآلاف من المصريين، في القطارات
المحترقة والعبارات الغارقة، وفي
المظاهرات وطوابير الخبز وفي أقبية
التعذيب، وفي الحرب البيولوجية التي
انتهت بملايين المصريين إلى الهم والغم
والسرطانات والفشل الكلوي والتهاب
الكبد الوبائي، حزب الله لم يعتد على
مصر، ولم يستهن بقيمتها الرمزية الكبرى،
بينما نظام مبارك هو الذي أهان مصر،
واختصر حجمها إلى رأس دبوس، وانتهى بها
إلى وضع قزمي في حساب التاريخ، فقد واصل
سكة تجريف دور مصر الموروثة عن سلفه
السادات، وكانت المحصلة على النحو
التالي، كانت مصر حتى حرب 1973 رأسا برأس
مع كوريا الجنوبية في معدلات التنمية
والتقدم والاختراق التكنولوجي، وبعد
أكثر من 35 سنة، نزلت مصر من حالق إلى
الفالق، وصارت تنافس ' بوركينافاسو ' على
مؤشر الفساد الدولي، وقد كان المفكر
الليبرالي الراحل د. سعيد النجار نافذ
البصيرة، فقد تقابل بمحض المصادفة مع
نجل مبارك قبل عشر سنوات، وقال له وقتها
'قل لأبيك أنكم تحكمون بلدا لا تعرفون
قيمته'، وقد كان ماجرى مفزعا ومؤسيا، فقد
نزلت قيمة مصر الكبرى إلى وزن العائلة
الصغرى، وصرنا بلدا يستجدي اللقمة
ويتسول الدور .
ثم أن حديث نظام مبارك عن 'السيادة
المصرية ' يبدو مثيرا للسخرية، ويبعث ـ
بصراحة ـ على عظيم القرف، وكأن دخول
مقاوم من حزب الله يمس شرف مصر (!)، وكأن
عشرات المصريين المتهمين ـ حتى إن صحت
الاتهامات ـ بالتدريب على السلاح، ونقل
العتاد للمقاومة الفلسطينية المحاصرة،
كأن ذلك ـ ومثله ـ جريمة وانتهاك لسيادة
مصر، رغم أن مصر كانت دائما ـ تحت الحكم
الوطني ـ تدرب الفلسطينيين والعرب،
وتزودهم بالسلاح، وتكنيكات الخروج
والدخول إلى أي بلد وصولا للميدان، بل
وكانت تنقل رجالا وعتادا إلى أراضي دول
أخرى، وبدون علم سلطاتها، وتنفذ عمليات
ضد إسرائيل من أراضي دول أخرى، وكما جرى
في عملية إيلات الشهيرة، وهو نفس ما ينسب
لحزب الله الآن، ودون أن يمس مصريا بسوء،
وحتى قبل ثورة 1952، كانت المقاومة شرفا لا
يحاكم بقانون العقوبات ولا بالإجراءت
الجنائية، ففي قضية عربة الجيب الشهيرة،
وقد ضبطت محملة بأسلحة وذخائر ومفرقعات،
واعتقل المتهمون فيها، وقدموا اعترافات
كاملة، كان حكم القضاء المصري الشامخ هو
البراءة التامة، وتأسيسا على نبل الغاية
الذي يبيح وسائلها كافة، وبصرف النظر عن
علم السلطات أو غفلتها، وإجلالا لسمو
مبدأ المقاومة، والذي لا يعلى عليه، ولا
يقاس بأي اعتبار جنائي مما يتخرصون .
ثم من الذي انتهك سيادة مصر حقا ؟، أو
الذي جعلها بلا سيادة وطنية، وفي وضع
البلد المحتل سياسيا منذ ثلاثين سنة
مضت، فقد أفضت ملاحق معاهدة كامب ديفيد
إلى إهدار الإستقلال والسيادة الوطنية،
وعادت سيناء إلى مصر على طريقة الذي
أعادوا له قدما وأخذوا عينيه، فقد جرى
نزع سيادة السلاح إلى مدى 150 كيلو متر في
عمق الأراضي المصرية، ثم جاءت المعونة
الأمريكية الضامنة، ونزعت ـ بمضاعفاتها
ـ سيادة قرار السياسة والاقتصاد في
القاهرة، ثم توالت غارات النهب العام ـ
العائلي الإحتكاري ـ التي دمرت وجرفت كل
عناصر القوة المصرية، ووضعتها تحت حد
السلاح الإسرائيلي، وانتهت بمبارك إلى
وضع رئيس شرم الشيخ، فهو يقيم غالبا
هناك، وحيث السلاح المصري منزوع
بالكامل، وحيث لاتعلو كلمة فوق صوت
السلاح الإسرائيلي، وحيث قتلت إسرائيل ـ
في السنوات الأخيرة ـ عشرات المصريين
بلا تعقيب ولاتثريب، وحيث لا يجرؤ مبارك
أن يرفع إصبعا، ولا أن يمضي قرارا فيه
شبهة مصلحة مصرية ، ولعلها مشهورة قصة
الجسر البري فوق خليج العقبة، والذي
اتفقت الحكومتان المصرية والسعودية على
إقامتة تسهيلا لحركة الناس والبضائع،
وتعهد الحكم السعودي بتحمل عبء
التكاليف، وعند لحظة التنفيذ تراجع
مبارك، ولحس المتفق عليه مع السعوديين،
فقد أصدرت إسرئيل أمرها وخضع مبارك، فهل
هذا نظام يحق له الحديث ـ مجرد الحديث ـ
عن سيادة مصر؟، اللهم إلا إذا كان يقصد
الحديث عن 'سيادته' الرهينة لخدمة
إسرائيل، وهو ما يجعل من وجود سيادته ـ
في ذاته ـ أعظم انتهاك لسيادة مصر .
ودعك من حديث السفالات ضد السيد حسن نصر
الله وحزبه، فهذه قمة الثقافة المتاحة
في صحافة وسخافة الجندرما الأمنية، لكن
ما يلفت النظر حقا هو الهوى الإسرائيلي
الظاهر في حملة النظام المصري
الإعلامية، فالمفرادات التي تستخدمها
هي نفس مفردات الدعاية الإسرائيلية، ومن
نوع وصف نصر الله بأنه عميل إيران وحكم
الملالي، ووصف حزب الله بأنه منظمة
إرهابية، ونقل تقارير إعلامية وأمنية
إسرائيلية تبدي عظيم الارتياح لدور
الأمن المصري، وتطلب المزيد من التنسيق
الأمني، ووصل الأمر إلى حد السفور
العميل لإسرائيل، فقد اتهم رئيس تحرير '
الأهرام' ـ الرسمية ـ حسن نصر الله وحزبه
بأنه 'يريد الوقيعة بين مصر وإسرائيل' (!)،
وفي يوم واحد كانت الإيقاعات تتوافق على
نحو مدهش، إسرائيل كاتزمان ـ وزير النقل
في حكومة نتنياهو ـ يطالب باغتيال حسن
نصر الله، ومجالس الأنس (الشورى والشعب)
في مصر تطالب باعتقال حسن نصر الله، بل
وتنفيذ 'عمليات نوعية' ضد أهداف تابعة
لحزب الله، إلى هذا الحد وصل التوافق بين
حكم عائلة مبارك وأهداف حكومة إسرائيل،
وهو أمر قد لايصح أن يصدم أحدا، فمصر
التي جرى تقزيمها لا تجد دورا يخصها،
وتلتحق بخدمة الدور الإسرئيلي والقوة
الإسرائيلية، ويراد لأجهزة أمنها أن
تلتحق بخدمة الأمن الإسرائيلي، وأن
يتحول الإعلام المصري إلى نسخة عربية
مترجمة من العبرية، وهذه أفدح جرائم أمة
السيد حسني.